الأربعاء، 24 يوليو 2013

(الشِّعر في قلب العالم).. لغةٌ واحدةٌ بلغاتٍ عدَّة




صدرت حديثاً عن جمعية (بيينال الدولية للشعراء)biennale internationale des po’tesالفرنسية أنطولوجيا شعرية حملت عنوان ‘الشعر في قلب العالم’، وقد ضمت قصائد لسبعة وعشرين شاعراً وشاعرة من القارات الأربع: أميركا وإفريقيا وأوروبا وآسيا، وذلك في إطار فعاليات المهرجان الذي شارك فيه هؤلاء الشعراء، وهو مهرجان يهتم بالشعر الذي يلامس قضايا التحرر في العالم، وتنظمه الجمعية في شهر أيار/ مايو من كل عام في محافظة (فال دو مارن) الباريسية الشهيرة باحتضانها للحركات الثورية لا سيما اليسارية منها، بالإضافة إلى معاهدات السلام، فقد وُقعت اتفاقية إنهاء الحرب الفيتنامية في هذه المحافظة عام 1973.

ركزت الأنطولوجيا على النصوص التي كتبها شعراء عاشوا حربَي الفيتنام وجنوب إفريقيا، فقد ضمت قصائد للشاعر الفيتنامي (باو شان غوين) الذي عاش أهوال الحرب في طفولته فانعكست بتفاصيلها اليومية على تجربته الشعرية، أما شعراء جنوب إفريقيا، فقد شارك ثلاثة عشر شاعراً عاشوا تجربة النضال ضد النظام العنصري، (جنوب إفريقيا تعيش في قلوبنا كفرنسيين، حتى أصبحت جزءاً منا، فمنذ أن دخل مانديللا السجن نزلنا إلى الشارع لنكون جزءاً من المقاومة الشعبية هناك)، هذا ما كتبه (فرانسيس كومب(francis combes مدير الجمعية في مقالته التي قدم بها الأنطولوجيا. ومن أوروبا شاركت الشاعرة والكاتبة المسرحية الأسكتلدنية المعروفة (كارول آن دوفي)، بالإضافة إلى شعراء فرنسيين من أصول إفريقية، ومن جنوب أميركا شارك كل من الشاعر الهاييتي (جيمس نويل)، والشاعرة والناقدة الأرجنتينية: (روكسانا بايز).

لا يجمع بين قصائد الأنطولوجيا ثقافة أو تاريخ أو فكرة أو لغة، فقد كُتبت باللغات الإنكليزية والإسبانية والكرواتية والرومانية والفيتنامية والهنغارية والهولندية والخوسية، ثم تُرجمت إلى الفرنسية، ويقول فرانسيس في مقدمته عن هذا التعدد: (لأننا نعيش في زمن انفتاح الهويات بمختلف دلالاتها على بعضها البعض، فإن الشعر- الذي تعددت أشكاله وأنماطه بشكل غير مسبوق- هو الطريقة الأمثل للتعبير عن وحدة الإنسانية وتقاطع اللغات، فاللغات تختلف، لكن من حسن حظنا أن اللغة الإنسانية مشتركة بين الجميع، كما قال فيكتور هيغو ‘الشعراء لا يخلقون اللغات، بل يسكنونها’، لذلك فإن ما يجمع بين هؤلاء الشعراء شيء واحد: همهم في بعث الإنسانية من جديد).

وعن عنوان الأنطولوجيا كتب: (‘الشعر في قلب العالم’!، هذه جملة غريبة، فبالنسبة إلى معظم الناس اليوم قلب العالم هو السوق والاقتصاد والمال، لكن الحقيقة أن قلب العالم لا ينبض بالنقود، بل بالحاجة إلى المعرفة والاتحاد والحب، والشعر بمختلف وسائله بحث عن جوهر الحياة وعمق الحقيقة، وكما قلنا ‘الشعر في قلب العالم’، فإننا نقول إن شعراء اليوم لديهم اهتمام كبير بهموم العالم أينما كانت، وليس بهمهم الفردي، الشعراء يسكنون على كوكب الأرض، ويرفعون أفراحه وآلامه حتى تصبح كوكباً آخر: الشعر، ولا يمكن لنا معرفة الأرض إلا من خلال هذا الكوكب الذي قد يبدو خيالياً، لكنه الطريق الأمثل لاكتشاف الواقع).

‘الشعر في قلب العالم’، هو عنوان ديوان صدر عام 1919 للشاعر الفرنسي ‘بليس ساندغاس)، وعنه يتحدث فرانسيس: (عندما نختار هذا العنوان فإننا نشكر الشاعر والرحالة والجندي المصاب في الحرب العالمية الأولى، نشكر المزارع والمهرج وصانع العسل، هذا الإنسان باهتماماته المختلفة يمثل مدرسة ‘الروح الجديدة’ أو ‘شعر المستقبل’. عُرف بليس بأسفاره الكثيرة، فقد دار العالم، وفي إحدى قصائده كتب ‘قطعت اليوم باريس سيراً على الأقدامِ كما لو أنني قطعتُ جبال الأوندو الأمريكية/ كل العالم موجود في كل مكان، فالحياةُ لا تغير مفاجآتها حسب الأمكنة’.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمر يوسف سليمان

القدس العربي

http://www.alquds.co.uk/?p=65735

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق