الأحد، 30 يونيو 2013

إحدى حدائقَ حمصَ كانت مقبرة



إحدى حدائقَ حمصَ كانت مقبرة
يومُ الخميسِ وقبَّةٌ بيضاءُ والآسُ المُمَدَّدُ كالشهيدِ أمامَ جامعِ خالدٍ
للآسِ أكفانٌ من الجُمل المدورة التي كُتِبَتْ بحضنِ القبةِ البيضاءِ
ينقُلُها الغروبُ..
سيغرسونَ الآسَ في قبرٍ لآسٍ ماتَ في يومِ الخميسِ الـ راحَ
-من في القبرِ؟
-إنسانٌ وآسٌ
ثم آساً إثر آسٍ
نسغهُ دمُ من غفوا في القبرِ..
سادَ
فصارَ نبضُ الآسِ: حلمهمُ الذي لم يكتملْ
أشكالُهُ: من ذكرياتهمُ العتيقة
والعطرُ: خيطانٌ لهمْ لم ينسجوها
أجلوها
ثم زاغَ النولُ عنهم فجأةً
فلقدْ أتى ثوب الحقيقة
***
إحدى مقابرَ حمصَ صارتْ قبلَ أعوامٍ حديقة
ويُقالُ: هذا كانَ فعلَ الحاكمِ العربيِّ
لكنَّ الحقيقةَ لم تزلْ في القبةِ البيضاءِ حيثُ الحرفُ فوقَ ابنِ الوليدِ يضمُّ سرَّ الدائرة
***
يومُ الخميسِ الآنَ لا للآسِ
بل كي يحفرَ الأبناءُ مقبرةً
فجمعتهمْ: تصابي الموتِ في طرقِ المدينةِ
!في الظلامِ تضيءُ حمصَ قنابلٌ وعيونُ قناصٍ
وأزرارٌ تديرُ مصيرَ قلبٍ بالقذائفِ
بينما الأبناءُ في تلكَ الحديقةِ يحفرونَ قبورهمْ
جسدُ المدينةِ لم يعدْ يكفيْ لهمْ؟
أم أنَّ من سننِ المقابرِ أن تعودَ كما الحضارةُ والصدى؟
أم أنَّ من ماتوا أرادوا أن يقوموا من جديدٍ في بلادي؟
الآسُ يعلمُ وحدهُ
والسرُّ في الجُمَلِ المدوَّرةِ
التي ترتدُّ مثلَ الدائرة
!إحدى حدائقَ حمصَ عادتْ مقبرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القدس العربي

http://www.alqudsalarabi.info/index.asp?fname=today%5C18m12.htm&arc=data%5C2013%5C02%5C02-18%5C18m12.htm
 

صانع الفخار


(إلى دريد رحال)

الأرضُ: جرَّةٌ مسنودة بحجرٍ مجنونْ

/
وأنتَ تعجنُ نبضَ الماءِ بعروقِ التراب

وأنتَ تعجنُ آلهةً من طين

تشكِّلُ ما يريدُ أن يكونهُ ثغرُ الشاعر:

فراشةً تطيرُ إلى الأبدْ



فخارُكَ: النبيذُ الأحمرُ الذي نسينا أن نشربهُ نحن جيل الثورة

لأننا كنا مشغولين بالبحثِ عن غاية الدم المسفوك!

قلنا:

ليلةً ما سيصلُ البدرُ الذي يضيءُ حجارة الشوارع

ليلةً ما سندركُ أن للحجارةِ شكلَ وجوهِ آبائنا

ليلةً ما سنكونُ قناطرَ أنهارِ القرى الخضراءَ في آذار

ليلةً ما

وما علمنا أنه ما من شيءٍ  يضحكُ فوق الأرضِ سوى البكاءِ

وما من أحدٍ يرفعُ رأسهُ دائماً غير الخرابْ ...

/

من نافذةِ الضوءِ التي تطلُّ على يديكَ العاريتينِ

أرى كل شيء ككل شيء

لا شيء يغريني سوى غبارِ الضوءِ

الهباءُ: هو الماءُ والترابُ

وكل ما عداهُ آلاتٌ لصنعهْ

الهباء هو المعنى

الهباء هو الفضاءْ

/

يشدني ضوءُ النافذةِ إلى مكانٍ لا أعرفه:

غابةٍ ضائعةٍ مثلي

ورقٍ يابسٍ

ورقٍ أخضرَ

شبَّاكٍ من سَعَفٍ أرى منهُ وجهي في الأفق

غابةٍ أقفُ فيها تمثالاً مكسوراً

وشيئاً فشيئاً أعودُ صلصالاً يمتدُّ حتى رحمِ أميْ

/

كان البابُ بلا قفلٍ

والرفاقُ في الخارجْ

شبَّكت أصابعها بما يشبه ابتسامة

فابتسمتَ

كانت أوَّلَ غزالةٍ

على ظهرها آثارُ حناءٍ

على الحناءِ سكبتَ ينابيعكَ فصارَ فخاراً

على ظهرها قرأتَ:

لا شيء يخلِّد الينابيعَ سوى الأنثى

ولا شيء يخلِّد الأنثى أكثر من أن تنحتَ شهوتها كما تشتهي

النشوة: طعمِ الماء البارد في الفخارِ

ومن يومها صرتَ صانعَ فخارٍ

ومازالتِ الابتسامةُ محفورةً على ظهرِ الغزالة المعلق في ضوء نافذتكْ

/

كلما أنهيتَ فخارةً يا دريد

تموتُ

تموت لتولدَ

كي تنهيَ فخارة أخرى

ولا تنكسرْ


باريس

2/4/2013

ــــــــــــــــــــ

الإمبراطور:

http://www.alimbaratur.com/index.php?option=com_content&view=article&id=2510

الاثنين، 24 يونيو 2013

(سوق الشِّعر) في باريس.. الفن الحاضر بقوة

 

 
عمر يوسف سليمان
لا يبدو «سوق الشعر» الذي احتل حوالي 400 متر مربع من مساحة حي «سان سولبيس» الباريسي مجرد خيم بيضاء منصوبة لعرض دور النشر آخر إصداراتها الشعرية، فعلى الرغم من كمِّ الكتب الهائل؛ إلا أن السوق تحول إلى عمل فني بحد ذاته، فقد اتحدت اللوحات التشكيلية المعروضة في أرجاء السوق مع المنحوتات التي حُفرت عليها القصائد، بالإضافة إلى الآلات الموسيقية وصور أهم الشعراء الفرنسيين وأغلفة الكتب والأمسيات الشعرية بلغات عدة، كل ذلك مقابل كنيسة أثرية عريقة تتوسط الحي وتحمل اسمه.
كما كل عام، افتُتح يوم الخميس 6 حزيران «سوق الشعر»، marché de la poésie الذي تتنوع أنشطته بين بيع الكتب والأمسيات الشعرية والموسيقية، وبين محاضرات عن الشعر وحفلات توقيع وجوائز وحوارات مفتوحة بين الشعراء والناشرين ووسائل الإعلام.
اشتركت في «سوق الشعر» أربعمئة جمعية ومجلة ودار نشر، من داخل وخارج فرنسا، كانت أشهرها دار «غاليمار»، ودار «أكثر من عنوان» المتخصصة بنشر الشعر والرواية، وجمعية «أتاتورك» المتخصصة بالأنشطة الثقافية للمهاجرين الأتراك في فرنسا، ودار «أبسالون» المتخصصة بنشر الأدب النمساوي، وجمعية «فنون باريس الخضراء» Arts verts de paris صاحبة المطبوعات الشعرية التي ترافقها لوحات فنية، وجمعية «جفون الأرض» الخاصة بطباعة الكتيبات الشعرية، ودار «آدن» البلجيكية، و«بيت الشعر» في باريس، في حين خلا سوق الشعر من دور النشر العربية على الرغم من وجود مشاركات لكتّاب من أصل عربي، أهمها مشاركة المفكر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي، ومنها كتابه: المغرب، «أي مشروع ديموقراطي؟».
أما ضيف الشرف لهذا العام فقد كان «الشعر الإيرلندي»، الذي استُضيف فيه كبار الشعراء الإيرلنديين: جوزيف وود، جون مونتاج، ومارتين شاردوكس، في فعالية «الطاولة المستديرة»، ثم قراءة شعرية باللغات الثلاث: الإيرلندية والإنكليزية والفرنسية، شاركت فيها الشاعرة بيدي جانكسون، وتلتها أمسية موسيقية لعازفي جاز وساكسفون.
في اليوم الثاني من سوق الشعر، كانت لافتة مشاركة تسع وخمسين شاعرة فرنسية بقراءة قصائد كانت قد نشرتها دار «أنثى الحبر» في أنطولوجيا «ليس هنا، ليس في أي مكان آخر» عام 2012، وقد تنوعت بين اليومية والوجودية وسط جمهور كثيف قطع الطريق الدائري الواصل بين أرجاء السوق.
«الشعر والصورة»، كانت تلك الفعالية هي مشاركة الشاعر الصيني «يو زو» في اليوم الثالث، حيث عرض فيها قصائد مصورة، وكانت دار «باسيفيكا» قد أصدرت كتاباً عنوانه «الشاي والشعر الصيني الكلاسيكي» عام 2012، تناولت فيه علاقة الصورة بالشعر الصيني.
بين آلاف الكتب، يضيع المتجول في سوق الشعر، حيث لا تأخذ دور النشر العريقة النصيب الأوفر من المتجولين، فلكل دار جمهورها الذي تستقطبه من خلال أهم العناوين المنصوبة بالخط العريض على خِيم العرض، في حين أن شراء الكتب ليس بأمر ذي أهمية في المهرجان، لأن الأولوية بالنسبة إلى الناشر تسويق اسم الدار، أما المتجول العربي، فقد يتبادر إلى ذهنه سوق «عكاظ» الذي كان يُقام في عصر ما قبل الإسلام، في شهر ذي القعدة/ تشرين الثاني «أكتوبر»، الذي كان مكاناً لإنشاد الشعر وإجازته من قبل نقاد ذلك العصر، لكن الاختلاف في أن سوق عكاظ لم يكن للأدب فحسب، بل للبضاعة المادية أيضاً، في حين أن «سوق الشعر» الباريسي يعرض البضاعة الأدبية ذاتها للبيع، على أنه يخلو من التكسب والمنافرة ومفاخرة الشعراء، التي كانت سائدة في ذلك الوقت في سوق «عكاظ».
يؤكد «سوق الشعر» لهذا العام، الذي اختتم في التاسع من حزيران، حضور الشعر وبقوة في الساحة الثقافية الفرنسية، في ظل التراجع العالمي عن الاهتمام بالشعر مقارنة بالفنون الأخرى، فباريس المتخمة ببيوت الثقافة والمسارح والحفلات الموسيقية ودور السينما لم تفتقد الفن الغائب: الشعر، كفن مستقل بنفسه، على الرغم من تشعبه وتداخله بشكل كبير في فرنسا خصوصاً وأوروبا عموماً مع باقي الفنون، لا سيما مع الفنون البصرية.

(باريس)
ــــــــــــــــــــــــ
 
السفير:
 

الموتُ بعيداًعن الموتْ

أتدري متى تصبح رائحة القهوةِ رحلةً إلى البحرِ؟
وأن ترى شالاً فوق حبلِ الغسيلِ بقيمةِ أن تطيرَ؟
أتدري متى تصبح وردةٌ مهملةٌ في الشرفةِ نهاراً من النزهاتِ؟
وصابونة البيتِ والعطرُ والنتُّ نهراً من الأغنياتِ
أتدري متى؟

بعد ليلةِ اشتباكٍ خيَّطَ فيها الرصاصُ شبابيكَ بيتكَ..
أنتَ تنتظرُ الموتَ
والموتُ في كل شيءٍ
لكنه لا يجيء!
/
في الثامن عشر من نيسان
في حمص
فتحتِ البنادق أفواهها والتهمت أفواه الورودِ التي تفتحت للتوِّ
خمسونَ ألفاً يحفرونَ على حجَرِ الليلِ أسماءهم
فيلتفُّ الموتُ على أصابعهم كمشنقة
يقذفونَ سقفَ التاريخِ بضوئهم
فيهوي على رؤوسهم
والموتُ في كلِّ شيءٍ
لكنهُ لا يجيء
/
قدميْ على حبلٍ يفضيْ إلى جهةٍ مجهولة
والقدمُ الأخرى في الهاوية
أخي الأصغرُ ينظرُ كالقمرِ المكسورِ
نصفُ قلبيْ بينَ عينيهِ
ونصفهُ في ساحة الحرية
حمصُ قطعةٌ من جهنم
يدي تغلقُ بابَ البيتِ الذي عدتُ إليهِ لتوِّيْ
ويدي الأخرى وسطَ المجزرة
رائحةُ البارودِ تقتربْ
والموتُ كالدمِ في كل شيءٍ
لكنهُ لا يجيء!
/
صباحاً..
تفاصيلُ الحياةِ أولُ أمطارِ أيلولَ
يلتقطُ الناسُ النهارَ كما تلتقطُ العصافيرُ الحَبَّ
لا يفتحونَ أفواههم إلا ليغنوا أغانيْ نسوها
فيغلقوا فمَ البندقية

/
صباحاً..
كتبَتِ الريحُ بالزجاجِ المحطَّمِ شيئاً لم أفهمهُ وقتها
والآن بعدَ عامينِ
في هذا المنفى الذي صارَ صوتيْ بهِ دونَ صوتْ
تحفرُ الريحُ في حُطَامِ فميْ:
الحياةُ حياةٌ معَ الموتِ
أما بعيداً عن الموتِ: موتْ
 
ـــــــــــــــــــــــ
القدس العربي: