الأحد، 30 يونيو 2013

صانع الفخار


(إلى دريد رحال)

الأرضُ: جرَّةٌ مسنودة بحجرٍ مجنونْ

/
وأنتَ تعجنُ نبضَ الماءِ بعروقِ التراب

وأنتَ تعجنُ آلهةً من طين

تشكِّلُ ما يريدُ أن يكونهُ ثغرُ الشاعر:

فراشةً تطيرُ إلى الأبدْ



فخارُكَ: النبيذُ الأحمرُ الذي نسينا أن نشربهُ نحن جيل الثورة

لأننا كنا مشغولين بالبحثِ عن غاية الدم المسفوك!

قلنا:

ليلةً ما سيصلُ البدرُ الذي يضيءُ حجارة الشوارع

ليلةً ما سندركُ أن للحجارةِ شكلَ وجوهِ آبائنا

ليلةً ما سنكونُ قناطرَ أنهارِ القرى الخضراءَ في آذار

ليلةً ما

وما علمنا أنه ما من شيءٍ  يضحكُ فوق الأرضِ سوى البكاءِ

وما من أحدٍ يرفعُ رأسهُ دائماً غير الخرابْ ...

/

من نافذةِ الضوءِ التي تطلُّ على يديكَ العاريتينِ

أرى كل شيء ككل شيء

لا شيء يغريني سوى غبارِ الضوءِ

الهباءُ: هو الماءُ والترابُ

وكل ما عداهُ آلاتٌ لصنعهْ

الهباء هو المعنى

الهباء هو الفضاءْ

/

يشدني ضوءُ النافذةِ إلى مكانٍ لا أعرفه:

غابةٍ ضائعةٍ مثلي

ورقٍ يابسٍ

ورقٍ أخضرَ

شبَّاكٍ من سَعَفٍ أرى منهُ وجهي في الأفق

غابةٍ أقفُ فيها تمثالاً مكسوراً

وشيئاً فشيئاً أعودُ صلصالاً يمتدُّ حتى رحمِ أميْ

/

كان البابُ بلا قفلٍ

والرفاقُ في الخارجْ

شبَّكت أصابعها بما يشبه ابتسامة

فابتسمتَ

كانت أوَّلَ غزالةٍ

على ظهرها آثارُ حناءٍ

على الحناءِ سكبتَ ينابيعكَ فصارَ فخاراً

على ظهرها قرأتَ:

لا شيء يخلِّد الينابيعَ سوى الأنثى

ولا شيء يخلِّد الأنثى أكثر من أن تنحتَ شهوتها كما تشتهي

النشوة: طعمِ الماء البارد في الفخارِ

ومن يومها صرتَ صانعَ فخارٍ

ومازالتِ الابتسامةُ محفورةً على ظهرِ الغزالة المعلق في ضوء نافذتكْ

/

كلما أنهيتَ فخارةً يا دريد

تموتُ

تموت لتولدَ

كي تنهيَ فخارة أخرى

ولا تنكسرْ


باريس

2/4/2013

ــــــــــــــــــــ

الإمبراطور:

http://www.alimbaratur.com/index.php?option=com_content&view=article&id=2510

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق