الخميس، 31 أكتوبر 2013

شخص آخر

دائماً كانَ هناكَ شخصٌ آخرُ وأنا وحديْ
حينَ مشيتُ لأوَّلِ مرَّةٍ في شوارعِ
باريسَ
كانَ يمشي معيْ
فحاورتُهُ كشخصٍ سأكونهُ يوماً!
دائماً هناكَ شخصٌ آخرْ
في محطةِ القطارِ
يلوِّحُ ليْ مِن بينِ المروجِ
فتنبُعُ من كفِّهِ تفاصيلُ قريتيْ
البعيدة
يركضُ نحويْ مثلَ غريبٍ
فأشمُّ رائحةَ العصافيرِ والغروبِ
والوسائدِ البيضاءْ
أشمُّ رائحتيْ التيْ سَرَقتْهَا
المعادنُ والأوبئة
هو الآنَ بصحبتيْ بعدَ أعوامٍ طويلة!
يعلوْ صوتيْ عندما أتحدَّثُ الفرنسيةَ
صدفةً أمامهْ
أحكي له عن ماكينةٍ درزَتْ أوَّلَ
أعواميْ هنا
فخرجْتُ منها ثوباً بحبكةٍ جديدة!
أحكي عن باريسَ: دهشةِ الأطفالِ
وانتظارِ الانتظارِ
والطريقِ الذيْ لا يؤديْ إلا إليهْ
عن خارطةِ الصَّدَماتِ أحكيْ
وعن اصطيادِ الأوكسجينِ
والخياراتِ التي تتماثلْ!
أحكيْ عنْ تشرُّديْ -عندما كنتُ مثلَهُ-
كجناحِ طائرٍ منتوفْ
أحكيْ لهُ معانقاً انتباههُ
بينما أعُبُّ كلاميْ كمجنونٍ في صحراءَ
وأمنحُهُ كما لو كنتُ أمنحُنيْ ما ضاعَ
منيْ
أنا وطنٌ غريبٌ للغريبْ
وطنيْ الغريبُ: الغريبْ
لكنَّنا لا نكمِلُ الحوارَ
فصوتُ القطارِ القادمِ يصفعُنيْ..
ليذكِّرَنيْ بأنِّيْ لمْ أزلْ هوَ!
18/6/2013
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عمر يوسف سليمان
القدس العربي
http://www.alquds.co.uk/?p=98826

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق